في الوقت الذي يرسل فيه الآباء أبناءهم إلى المدارس الدولية بحثًا عن تعليم أفضل وأمان أكبر، فجّرت سلسلة الوقائع الأخيرة صدمة واسعة بعدما تم الكشف عن اعتداءات جنسية طالت أطفالًا داخل تلك المؤسسات المرموقة ما يكشف عن انهيار المنظومة التعليمية بالكامل فى زمن عصابة العسكر التى دمرت مصر مبنى ومعنى ولم تبق على شئ حتى كرامة المصريين.
ورغم أنه يفترض أن تكون المدارس – خاصة الدولية– أكثر البيئات أماناً للأطفال، إلا أن سلسلة الحوادث المتعلقة بالاعتداءات الجنسية داخل هذه المدارس، أشعلت موجة غضب واسعة بين أولياء الأمور وفتحت الباب أمام تساؤلات مخيفة كيف يمكن أن يحدث هذا داخل مؤسسة تعليمية يفترض أن معايير الرقابة فيها أعلى من غيرها؟
هذه الوقائع المؤلمة لم تهز ثقة الأسر في تلك المؤسسات فحسب، بل أعادت تسليط الضوء على حجم التهديد الحقيقي الذي قد يتعرّض له الأطفال فى زمن الانقلاب حتى في الأماكن التي يُفترض أنها الأكثر أمناً.
تأثيرات مدمرة
في هذا المشهد المقلق، حذر الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، من انعكاسات الاعتداء الجنسي على الطفل نفسياً، معتبرا أن صمت الطفل هو أكبر جرس إنذار يجب الانتباه إليه.
وأكد شوقي فى تصريحات صحفية، أن الاعتداء الجنسي على الأطفال هو أخطر وأبشع أشكال الانتهاك التي يمكن أن يتعرض لها الطفل، موضحاً أن تأثيراته النفسية قد تكون مدمرة إذا لم يتم علاجها مبكراً وبطريقة مهنية.
وقال إن الطفل المعتدى عليه يفقد ثقته بنفسه وبالآخرين، ويشعر بانعدام القيمة والعار. كما ينظر إلى عالم الكبار بعين الخوف والعداء، بالإضافة إلى أنه مع ميله إلى العزلة والانطواء والاكتئاب قد تتولد لديه ميول عدوانية أو اضطرابات سلوكية حادة.
شخصية الطفل
وأوضح شوقى أن الخطر يتضاعف حين يحدث الاعتداء في مرحلة ما قبل المدرسة، لأنها المرحلة التي تتشكل فيها شخصية الطفل الأساسية مؤكدا أن الأسرة هى خط الدفاع الأول وأن وقاية الطفل تبدأ داخل الأسرة، وليست مسئولية المدرسة وحدها.
وحدد شقين رئيسيين يجب أن يلتزم بهما الوالدان:
أولاً: التوعية بحدود الجسد بحيث يعرف الطفل أن جسده ملكه، وأن هناك مناطق لا يحق لأي شخص لمسها
وفى هذا الإطار يجب تعليم الطفل ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي اقتراب غير مناسب وعدم السماح له بالذهاب مع أي شخص بمفرده داخل الحضانة حتى لو كان يعرفه والتأكيد على وجوده دائماً وسط زملائه أو المشرفة.
ثانياً: التوعية بالوسائط لا بالكلام فقط لأن الشرح اللفظي وحده غير كافٍ، وانما لابد من استخدام فيديوهات كرتونية أو تمثيلية تعرض مواقف افتراضية لاعتداءات وكيفية التعامل معها وهذه الفيديوهات تساعد الطفل على فهم ما لا يستطيع التعبير عنه بالكلمات.
عزلة وكوابيس
وحذّر شوقي من تجاهل التغيرات السلوكية المفاجئة، موضحاً أن الطفل لا يتحدث دائماً لكن سلوكه يتحدث نيابة عنه موضحا أن من أبرز المؤشرات التي يجب أن تلتقطها الأسرة فوراً:
1- عزلة غير معتادة وابتعاد عن الأسرة.
2- خوف مفاجئ من الذهاب للمدرسة أو من أشخاص محددين.
3- كوابيس متكررة واضطرابات في النوم.
4- تغيرات حادة في الشهية زيادة أو قلة.
5- ألفاظ أو سلوكيات جنسية غريبة على سنه.
6- كدمات أو خدوش غير مبررة.
7- شرود وفقدان تركيز.
وشدد على أن مثل هذه العلامات لا تُهمل مهما كانت بسيطة.
علاج سلوكي
وفي حال راودت الأسرة أي شكوك، ينصح شوقي بعدم التردد لأن التجاهل أول خطوة نحو كارثة أكبر مطالبا الأسرة باتباع الخطوات التالية :
– احتواء الطفل والحديث معه بهدوء دون ترهيبه.
– عرضه فوراً على متخصص نفسي.
– البدء في علاج سلوكي ومعرفي يساعده على تجاوز الصدمة قبل أن تتحول لاضطراب مزمن.
واعتبر أن قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال ليست حادثة منفردة، بل ظاهرة تتطلب وعياً مجتمعياً ومسئولية مشتركة موضحا أنه بينما يظل الطفل الحلقة الأضعف، فإن الأسرة هي الدرع الأقوى. والتوعية، والملاحظة الدقيقة، والتدخل السريع ليست رفاهية، بل ضرورة لحماية مستقبل جيل كامل.
