علاقة السيسي بالأمريكان قبل الانقلاب.. زيارة “كيري” في مارس 2013

- ‎فيأخبار

عندما يجلس وزير الدفاع "أي وزير دفاع في أي دولة" مع وزير خارجية دولة أجنبية ويتحدث معه عن الشئون الداخلية في بلاده ويتناولان أدق أسرار الحكم والأمن القومي، بم يمكن أن نسمى هذا؟ وإذا تواصل هذا الوزير أيضا مع وزير دفاع هذه الدولة  الأجنبية وينقل إليه أدق تفاصيل وأسرار الحكم في بلاده بشكل يومي حتى وصلت هذه المكالمات إلى أكثر من مائة مكالمة كان بعضها يتجاوز الساعات، فبم نسمي هذا؟

 أليس هذه هو التآمر على الوطن والرئيس المنتخب بإرادة الشعب الحرة؟ أليس ما قام به هذه الوزير هو الخيانة العظمى في أوضح صورها؟ ثم إذا قاد هذا الوزير الخائن انقلابا عسكريا أطاح فيه بالمسار الديمقراطي والرئيس المنتخب، فهل يمكن أن ننتظر خيرا من هذا الجنرال ونظامه الدموي؟!

هذ ما فعله الجنرال عبدالفتاح السيسي بالضبط قبل انقلابه المشئوم في 3 يوليو 2013م، من خلال تواصله مع جون كيري، وزير الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما،  ثم التواصل هاتفيا بشكل يومي مع تشاك هيجل، وزير الدفاع الأمريكي وقتها!

تلقى السيسي دعما مباشرا وقويا من أركان إدارة باراك أوباما الديمقراطية، التي كانت منقسمة على نفسها حيال الموقف من الملف المصري؛ فبينما كان يرى أوباما ومستشاروه يدفعون باتجاه "إحداث تغيير في السياسة الأمريكية القائمة والتأسيس لعلاقة جديدة مع العالم العربي بهدف مواجهة التطرف المعادي للغرب وقطع الطريق عليه"، ويحث "على ضرورة احترام نتائج الانتخابات الحرة في مصر"، لكن الفريق الآخر والذي ضم معظم المسئولين في إدارته كانوا يعبرون "عن مخاوف قديمة متجددة من الخطر الكامن في الإسلامي السياسي" ويروجون لوجود "عقبات تحول دون نجاح الديمقراطية في مصر، وضرورة الوفاء للحلفاء الطغاة مثل حكام الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية". وفي النهاية استسلم أوباما للفريق الآخر، عندما قبل باستيلاء العسكر على السلطة، بعد يوم واحد من الإطاحة بالرئيس مرسي.

وعلى هذا الأساس جاء الدور الأمريكي مركزيا في إنجاح انقلاب 3 يوليو؛ فالسيسي لم يكن ليجرؤ على تنفيذ انقلابه بدون ضوء أخضر أمريكي، وهو ما حظي به خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكية وقتها جون كيري للقاهرة في مارس 2013م، والتي التقى فيها كلا من الرئيس مرسي ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي كلا على حدة؛ ووفقا للمعلومات التي جمعها  الصحفي الأمريكي "كيركباتريك"، مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بالقاهرة خلال فترة الانقلاب في كتابه "بين أيدي العسكر.. الحرية والفوضى في مصر والشرق الأوسط"، كان اللقاءان مختلفين، فقد رأى كيري الرئيس مرسي غير جدير بالدعم الأمريكي. لكنه خرج مرتاحا من لقائه بالسيسي، وحكى لاحقا للصحفي كيركباتريك أن السيسي قال له "لن أدع بلدي تنزلق إلى المجهول"، وحينئذ علم الوزير الأمريكي أن أمر مرسي قد انتهى، كما يقول كيباتريك. تفسير ذلك أن كيرى والمسئولين الأمريكيين عموما دائما ما يجدون انصياعا من المسئولين في مصر للأوامر والتوجيهات الأمريكية ويضعون اعتبارا كبيرا للمصالح الأمريكية في مصر والمنطقة حتى لو كانت على حساب الأمن القومي المصري، وانتهاكا للسيادة المصرية والقرار الوطني، فلما وجد كيرى من مرسي ندية غير معهودة من حكام مصر السابقين أبدى غضبه الشديد في تحريض واضح للجيش على الانقلاب، وتعزز هذا التحريض السافر للانقلاب بصمت كيرى إزاء تصريح السيسي بأنه "لن يترك بلاده تنزلق إلى المجهول" فهي عبارة تؤكد أن السيسي يستأذن الأمريكان في تدبير الانقلاب قبل 4 شهور من تنفيذه، وجاء صمت كيرى بمثابة ضوء أخضر من أجل حماية المصالح الأمريكية وعلى رأسها ضمان وجود نظام مصري يعطي أولوية للعلاقة مع إسرائيل وضمان أمنها.