ميدل إيست آي”: مجندون مصريون يدينون صمت حكومة المنقلب السيسي على مقتل زملائهم

- ‎فيأخبار

 

سلط موقع “ميدل إيست آي” البريطاني الضوء على إدانات من مجندين مصريين على الحدود بين سيناء وغزة، بعد صمت حكومة  المنقلب عبد الفتاح السيسي على مقتل زملائهم، وتقاعسها في التعامل مع “الفظائع” الإسرائيلية.

 

ونقل الموقع في تقرير له شهادة أحد الجنود المصريين ويدعى محمد عمر (23 عاما)، ويعمل كضابط دورية في شمال سيناء بمصر، على طول الحدود مع رفح، وتحديدا في المنطقة منزوعة السلاح وفقا للاتفاقيات الأمنية بين مصر وإسرائيل، ولا يسمح إلا بنشر جنود يحملون أسلحة خفيفة.

 

وتحدث عمر لـ”MEE” أثناء إجازته في بورسعيد قائلا: “من المؤلم أن تعرف أنك قادر على المساعدة، لكنك مقيد ولا تستطيع المساعدة في إنقاذ الشعب من الذبح”. وأضاف: “كنا نشاهد ونسمع مدى شدة القصف الإسرائيلي في رفح، ونرى عشرات العائلات الفلسطينية تمر عبر الحدود”.

 

“نجلس مكتوفي الأيدي”

 

وتابع: “نتدرب ليلا ونهارا ونكرر الهتافات ضد العدو الصهيوني، ونسمع رسائل إخبارية مخصصة تتفاخر بمدى جاهزية الجيش، ولكن عندما يقتل هذا العدو الآلاف من إخواننا نجلس مكتوفي الأيدي”.

 

والتقى موقع “ميدل إيست آي” بخمسة جنود مصريين من بينهم عمر، وقد أظهر  معظمهم عدم رضاهم عن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة المصرية مع الحرب في غزة، واستشهاد رفاقهم على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي عند الحدود مع قطاع غزة.

وأشار عمر إلى أنه يعتبر نفسه وزملاءه “نخبة المقاتلين” المدربين على تحمل الظروف القاسية، ومحاربة الأهداف المتطورة، وتم تعزيز وحدته بالمزيد من وحدات النخبة المدربة جيدا من قسم مكافحة الإرهاب في شمال ووسط سيناء منذ أكتوبر الماضي.

 

وذكر أنه فقد اثنين من رفاقه في اشتباكات مع جنود إسرائيليين في وقت سابق من هذا الشهر، لكن مقتلهما لم يحظ باعتراف كبير من قبل الجيش المصري، بما في ذلك قيادته العليا والرئيس السيسي.

 

وأشار الموقع البريطاني، إلى صمت السلطات المصرية ودفن جنديين من الفيوم في مسقط رأسيهما الشهر الماضي بعد اشتباكات مع القوات الإسرائيلية قرب حدود رفح، مؤكدا أنه رغم التعاطف الواسع مع الجنود القتلى، إلا أنهما لم يحصلا على جنازة عسكرية أو اعتراف رفيع المستوى، ولم تتحدث وسائل الإعلام المرتبطة بالدولة عن وفاتهما.

 

روح معنوية منخفضة

 

وقال عمر إن الروح المعنوية في وحدته منخفضة بسبب مقتل رفيقه عبد الله رمضان، منوها إلى أنه يخدم في فصيل مختلف عن الذي خدم فيه رمضان، لكنه اعتبر أن “رد فعل الحكومة كان غير محترم”، متسائلا: “كيف لم يتم تكريم الشهيد رمضان ولم يذكر اسمه، ولم تكن هناك مراسم عالية في جنازته؟”.

 

وتابع: “عندما يُقتل أدنى مجند في الشرطة في حادث سيارة، تُقام لهم جنازة عسكرية، بينما يدفن سراً رمضان الذي حارب الصهاينة، يا له من عار!”.

 

وقال عمر إن “رؤساءه حاولوا تهدئتهم بعد وفاة رمضان”، موضحا أن “العدو يحاول جرنا إلى هذا، لتبرير قتل الفلسطينيين واستخدام ذلك كدعاية ليقول للعالم إن إسرائيل تتعرض للهجوم من جميع الجهات”.

 

وذكر المجند المصري أحمد توفيق أسبابا مماثلة للوحدة التي خدم فيها، مبينا أنه “أخبرنا مسؤول الشؤون الأخلاقية بأن مصر تسعى لوقف إطلاق النار، لكن حكومة نتنياهو تريد دفع مصر إلى الحرب حتى تواصل عدوانها على العرب والمسلمين”.

 

وبحسب “ميدل إيست آي”، فإن توفيق وعمر يشعران بالقلق من أنه إذا ماتا في القتال خلال الوضع الدبلوماسي الحالي المعقد، فإن موتهما سيكون هباء، وقال عمر: “أخاف أن أستشهد إذا ذهب دمي هدراً. رمضان مات ولم تطلق رصاصة واحدة للدفاع عنه”.

 

وقال توفيق إن الروح المعنوية في وحدته منخفضة، لأن الجنود لديهم مخاوف مماثلة، مضيفا أن “الفكرة الوحيدة التي تجعل هؤلاء الرجال يصمدون في الخدمة الإلزامية، هي احتمال أن يموتوا شهداء أو يموتوا في سبيل وطنهم”.

 

الجيش المصري غير جاهز

 

وتابع توفيق: “إذا استمرت الحكومة في حالة اللامبالاة، فلن يتمكن الجنود من منع أنفسهم من إطلاق النار على العدو مثل الشهيد محمد صلاح”.

 

وفي يونيو ، قتل محمد صلاح، وهو مجند في الشرطة المصرية يبلغ من العمر 23 عاماً، ثلاثة جنود إسرائيليين وأصاب اثنين آخرين، وقد استشهد لاحقا برصاص القوات الإسرائيلية.

 

في المقابل، كشف مصطفى مروان (25 عاما) وهو طبيب في سيناء، وهو في الأشهر الأخيرة من خدمته، أنه “يصلي حتى لا تخوض مصر الحرب (..)، آلاف المجندين الذين ترونهم على شاشات التلفزيون في العروض العسكرية، ليسوا هم الذين سيقاتلون، بل آلاف الجنود الذين لا يعرفون كيفية إطلاق النار (..)”.

 

وقال مروان إن “هؤلاء المجندين يتم تدريبهم لمدة 45 يومًا فقط في المعسكر الأساسي، ويحملون أسلحة مخزنة منذ عهد الاتحاد السوفييتي”، متسائلا: “ماذا سيفعلون في مواجهة جيش يدعمه أقوى جيش في العالم وأكثره تطورا؟”، في إشارة إلى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل.

 

وأردف قائلا: “أنا لست خائنا، ولكن على المرء أن يكون واقعيا”، مضيفا أنه “لا يملك سوى المعدات الأساسية بصفته مسعفا عسكريا، رغم أنه جراح، وأن رؤساءه فاسدون”.

وبحسب تقديره، فإن هناك طرقا عديدة لمساعدة الفلسطينيين، لكن خوض الجيش المصري للحرب ليس هو الحل.

 

وفي حين أن مروان مناهض للحرب بسبب عدم جاهزية الجيش، فإن تامر سمير الذي يخدم في القاهرة في فصيلة دفاع جوي، يعتقد أن مصر يجب أن تتدخل لمساعدة الفلسطينيين، لكنه لا ينبغي أن يكون ذلك من خلال الجيش.

 

بعد تخرجه من جامعة دولية خاصة ومن عائلة ثرية، يعتقد سمير البالغ من العمر 22 عامًا أن تجنيده الإجباري ليس له معنى، موضحا أن “الأفراد مثلي الذين أتيحت لهم فرصة الحصول على تعليم جيد ومعرفة اللغات لا ينبغي إجبارهم على الخدمة والقتال، لأننا نستطيع المساعدة في تطوير البلاد بطرق أخرى مثل الأعمال التجارية أو الاقتصاد”.

 

تخطي التجنيد الإجباري

 

ومن خلال علاقة قوية، تمكنت عائلة سمير من تأمين موقع أكثر هدوءا، حيث يمكنه العودة إلى المنزل كل ليلة، والقيام بالأعمال الإدارية فقط، وقال: “أنا لا أعرف الكثير عن الحرب والسياسة، ولكنني أتطلع إلى إنهاء خدمتي”.

 

مثل سمير، يبحث الكثير من المصريين عن علاقات إما لتخطي التجنيد الإجباري أو تأجيله، أو للحصول على خدمتهم في المدن الكبرى أو في الفروع الإدارية أو التجارية للقوات المسلحة. والنتيجة أن يترك العديد من الأفراد المحرومين والشباب ذوي التعليم الضعيف على الجبهة، أو على الحدود.

 

أما الجندي المصري مجاهد نصار الذي جاء إلى الفيوم لحضور الجنازة فيقول: “عبد الله رمضان وإبراهيم عبد الرزاق ومحمد صلاح، كلهم أبناء الفقراء، ودفعوا أرواحهم فداء للوطن، ولم تحرك الحكومة ساكنا للنضال من أجل حقوقهم أو حتى للدفاع عنهم”.

 

وختم قائلا: “معظم المجندين مجبرون على الخدمة وهم فقراء، وليس لديهم بديل آخر، وليس لديهم أي اتصال، ويذهبون إلى سيناء ويقاتلون الإسرائيليين أو المتشددين المتطرفين”.