أثار فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك حالة من الرعب داخل الكيان الصهيونى وبين بعض يهود الولايات المتحدة
…فى دولة الاحتلال توالت ردود أفعال رسمية، وتعليقات صحفية، وتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل حدث انتخاب ممداني المعروف بمواقفه المتضامنة مع الفلسطينيين يصبح حديث الساعة بين الصهاينة .
كانت دعوات صهيونية قد صدرت بعد الإعلان عن فوز ممدانى تحذّر من مغبة انعكاسات فوزه على مزيد من الضغوط الأمريكية على سياسة دولة الاحتلال، وتبنى مواقف أكثر إنصافاً لصالح للفلسطينيين.
توصيفات عنصرية
تركّزت ردود الفعل الصهيونية على فوز ممداني في وصفه بـ "المناهض لدولة الاحتلال"، و"المؤيد للفلسطينيين"، و"المعادي للسامية"، حتى إن دانيال أديلسون، مبعوث صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى ولاية نيويورك، لم يكتفِ بالإشارة إلى عداء ممداني لدولة الاحتلال ، بل أشار إلى زوجته راما ديوجي، ذات الأصول السورية، والفنانة المعادية للصهاينة .
واعتبر أديلسون أنه منذ أن أصبح ممداني مواطناً أمريكياً عام 2018، وانتُخب بعد عامين لعضوية كونجرس نيويورك، استخدم منصبه للترويج لقوانين تشريعية ضد دولة الاحتلال على حد زعمه.
وقال : ممداني ينتقد دولة الاحتلال بشدة، رافضاً الاعتراف بحقها في الوجود كدولة يهودية، ومتهماً إياها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ولم ينأَ بنفسه عن الدعوة المؤيدة للفلسطينيين، مؤكدا أنه هدّد باعتقال نتنياهو إذا زار نيويورك، وسيسعى لتنفيذ مذكرة التوقيف الدولية ضده من محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وأوضح أديلسون أنه رغم أن الرئيس دونالد ترامب انخرط بنفسه في جهود إقصاء ممداني عن الفوز، من خلال دعوته ليهود المدينة لعدم التصويت له، واعتباره أن أي يهودي يصوّت له، رغم كرهه لليهود، فهو أحمق، لكن ممداني ينفي معاداته للسامية، وحرص طوال الحملة الانتخابية على كسب أصوات اليهود، ونشر فيديو بمناسبة رأس السنة العبرية هنّأهم فيه بـ"عام سعيد" باللغة العبرية، وذكر مراراً أن العديد من مستشاريه من اليهود.
معاداة السامية
وهاجم وزير التراث، عميخاي إلياهو، يهود نيويورك الذين دعموا ممدانى ، رغم أنه لا يُخفي كراهيته لدولة الاحتلال وجنودها، لكنه وجد بجانبه بعض اليهود الذين رفعوا أيديهم بجانب معاداة السامية في قلب الولايات المتحدة .
واعترف إلياهو بأن "اليهود الذين يكرهون اليهود" موجودون منذ بداية التاريخ، ولطالما كانوا هناك، أحياناً على هامش المجتمع، وأحياناً في مناصب قيادية.
وأضاف: هذه حقيقة مؤلمة، لكنها حقيقية، نراهم في دولة الاحتلال فيمَن وقفوا بجانب عدونا، ووقّعوا عرائض ضد الدولة، وسعوا لمقاطعة الجنود، وطالبوا بحظر توريد الأسلحة إليها وفق تعبيره.
مؤيد لحماس
وأعرب عميخاي شيكلي وزير شئون الشتات، عن غضبه الشديد من فوز ممداني، زاعما أنه "مؤيد لحماس"، وبعد أن كانت نيويورك رمزاً للحرية العالمية، فقد سلّمت مفاتيحها إلى مؤيد لحماس، لا تختلف مواقفه كثيراً عن مواقف الجهاديين الذين قتلوا 3.5 ألف من سكانها قبل عقدين ونصف العقد .
وأكد شيكلى أن هذه نقطة تحوّل حاسمة لنيويورك، موطن أكبر جالية يهودية في العالم خارج دولة الاحتلال، وهذا الفوز يُقوّض أسس المكان الذي وفّر الحرية والفرصة لجموع اللاجئين اليهود.
وزعم أن فوز ممداني لم يحدث بين عشية وضحاها، بل بدأ الأمر بالأجواء المعادية للصهيونية في الجامعات التي تعجّ بما وصفها بـ"الأموال القطرية"، واستمر بالمظاهرات العنيفة التي شنّها مؤيدو حماس في جامعتي نيويورك وكولومبيا، التي أصبحت معقلاً لدعم حماس في الولايات المتحدة.
وطالب شيكلي، بأن تعود نيويورك كما كانت، خاصة بالنسبة لمجتمعها اليهودي، لأنها تسير بعيون مفتوحة نحو الهاوية التي سقطت فيها لندن قبلها، داعيا يهود نيويورك للتفكير جدياً في تأسيس وطنهم الجديد في الأراضي المحتلة.
نقطة تحول
وتوقّع تسفيكا كلاين، رئيس تحرير صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية، أن يسفر فوز زهران ممداني عن موجة هجرة يهودية من نيويورك إلى دولة الاحتلال، لأنهم سيشعرون بتغير الأجواء بعد انتخابه، وهو المناهض للصهيونية.
وأكد كلاين أن فوز ممدانى ليس مجرد حدث سياسي، بل نقطة تحول اجتماعية، وعلامة على تغيير عميق في هوية وأمن الجالية اليهودية في أمريكا، مرجّحاً أن تكون الهجرة إلى ولايات نيوجيرسي، وبوسطن، أو ربما واشنطن العاصمة وفلوريدا، لأن ممداني، المعادي الصريح للصهيونية، سيبدأ نشاطه العلني كجزء من حركة مقاطعة دولة الاحتلال وسحب الاستثمارات منها.
وأشار إلى أنه بينما يحظى ممداني بدعم يهود أمريكيين كبار مثل بيرني ساندرز، واشتراكيين، وتقدميين متشددين، فإن يهود نيويورك لا يشعرون دائماً بالحاجة للتواصل مع دولة الاحتلال، ولذلك شكّل تصويت نسبة كبيرة منهم لصالحه مصدراً لخيبة الآمال الصهيونية، لأنه ناشط معلن في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
الحزب الديمقراطي
واعتبر زلمان شوفال، السفير الصهيوني الأسبق في واشنطن، أن فوز زهران ممداني، بمساعدة عشرات الآلاف من "الحمقى" من الناخبين اليهود، ستكون له ارتدادات في أماكن أخرى
وشدد شوفال على أنه لا يمكن تجاهل تفسير دعم الحزب الديمقراطي لمرشّح معادٍ لدولة الاحتلال في مدينة ذات نسبة عالية جداً من اليهود، كمقدمة لاستراتيجية تهدف للسيطرة على مراكز السياسة والسلطة الاقتصادية والثقافية والإعلامية.
فخ الدعاية الصهيونية
فى المقابل أعربت روني زهافي، من شمال تل أبيب، وتقيم في نيويورك منذ أربع سنوات عن استغرابها من انشغال الصهاينة بانتخابات لا علاقة لها بدولة الاحتلال بصورة مباشرة، وهم مصابون بالذعر حيالها، وهذا يُظهر فقط مدى انفصال دولة الاحتلال عن العالم.
وقالت زهافي: إن ما يُغضبني أكثر أن أراهم يريدونني أن أُصوّت لمرشّح مثل "كومو"، المتحرّش بالنساء.
وأضافت: أتبنّى مواقف ممداني ضد الاحتلال، أنا أؤيد مقاطعة دولة الاحتلال ما دام الاحتلال قائماً، أؤيد مقاطعة المنظمات التي لها صلة بقتل الفلسطينيين في غزة، وتموّل جيش الاحتلال، وانتهاكات حقوق الإنسان، واغتصاب الأسرى الفلسطينيين، وأؤيد إلغاء الإعفاء الضريبي لجمعيات تتبرع للمستوطنات، لا أريد أن تذهب أموال ضرائبي كمقيمة في نيويورك للمستوطنات .
واعتبرت زهافى أن حكومة الاحتلال فاشية، ويجب مقاطعتها، محذرة من أن أي اتهام لممداني بأنه "معادٍ للسامية" يعني وقوعاً في فخ الدعاية الصهيونية .
وأكدت أن الحديث الصهيوني عن ممدانى كـ"جهادي"، ودعمه لهجمات سبتمبر 2001، وتطبيقه للشريعة الإسلامية في نيويورك، أمرٌ سخيف، مشددة على أن هذه تصريحات عنصرية، ويؤلمني كثيراً كيهودية أعيش في نيويورك سماعها.
