بــ”ترقيع الدستور”.. السيسي يضع الجيش في مواجهة الشعب

- ‎فيتقارير

من أجل تمرير تعديلات الدستور التي تفضي إلى بقاء زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي في الحكم مدى الحياة يقدم السيسي على توريط المؤسسة العسكرية ويجعلها في وضع أعلى من الشعب وهو ما يتسق مع توجهاته نحو توريط المؤسسة العسكرية في مواجهة مع الشعب المتطلع للحرية والعدالة وإقامة نظام ديمقراطي سليم يقوم على الاحتواء والتعايش المشترك والتداول السلمي للسلطة وتحطيم كل مؤسسة تفرض وصايتها على الشعب بالجبر والإكراه.

كما يمضي جنرال الانقلاب نحو تقديم تنازلات للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية في إطار ما تسمى بصفقة القرن من أجل الحصول على دعم أمريكي أو على الأقل عدم اعتراض من جانب البيت الأبيض على هذه الترقيعات في ظل تواتر الأنباء عن قرب إعلان الإدارة الأمريكية عن تفاصيل ما تسمى بصفقة القرن والتي يقوم فيها السيسي بدور أحد العرابين لتمرير الصفقة المشبوهة.

وحتى يضمن السيسي بقاءه في الحكم مدى الحياة؛ لا يكتفي السيسي بهذه التنازلات بل يمضي قدما في مزيد من توريط المؤسسة العسكرية في مستنقع السياسة والذي أفقدها مكانتها واحترامها عند قطاع كبير من الشعب كان يظن بالمؤسسة العسكرية خيرا حتى جاء انقلاب 30 يوليو 2013م وما تبعه من مذابح دموية أفقدت هذه المؤسسة احترامها ودفعت قطاعا واسعا من المواطنين إلى الكفر بها والإيمان بأن الجيش بهذه الممارسات تحول إلى عقبة في طريق تقدم مصر ونهضتها.

“وصاية الجيش” مرفوضة

وبعد توريط الجيش في الانقلاب على المسار الديمقراطي وأول رئيس مدني منتخب ثم توريطه في مذابح دموية أفضت إلى مقتل الآلاف من أشرف أبناء مصر وثورة 25 يناير وتوريطه في التنازل عن التراب الوطني ببيع جزيرتي “تيران وصنافير” للنظام السعودي وتوريط الجيش في صفقات وعمليات سمسرة وبيزنس أفقدته أبرز خصائصه وحولته إلى شركة وليس جيشا؛ فإن السيسي يمضي قدما في مزيد من توريط المؤسسة العسكرية في عمليات الترقيع الجارية لدستور 2014م؛ وتنص إحدى المواد المزمع استحداثها في الدستور، المثيرة للجدل، “على أن القوات المسلحة هي الحامية والضامنة للديمقراطية ومدنية الدولة”.

هذه التوريط دفع تكتل 25/30 البرلماني الصغير المعارض خلال مؤتمر صحفي، الاثنين، رفض “الزج بالقوات المسلحة في نص دستوري ووضع ترتيبات جديدة لها”، مشيرين إلى أن هذه المادة ستدفع القوات المسلحة إلى الانحياز لطرف سياسي على حساب طرف آخر، وأنهم يربأون بها أن تنحاز في السياسة لأحد”.

بعض الساسة والمحللين يفسرون الأمر على أن الجيش يمضي في مبدأ ثابت هو ضرورة أن يكون على رأس الحكم في مصر جنرال عسكري، فلا يوجد حاكم مدني واحد منذ الانقلاب الأول على الملك فاروق في 23 يوليو 1952م سوى الرئيس محمد مرسي وتم الانقلاب عليه من جانب الجيش رغم أن أول رئيس مدني يتم انتخابه في تاريخ مصر بنزاهة وشفافية وفي أجواء ديمقراطية حقيقية.

وترهن الباحثة السياسية سارة العطيفي أي تقدم سياسي في مصر بالقضاء على الانقلاب العسكري وعودة الجيش لثكناته ومحاكمة المجلس العسكري وتطهير الجيش من الجنرالات الخونة الطامعين في الحكم والثروة والنفوذ.

وتضيف أن الجيش لا يحتاج إلى تعديلات دستورية لأنهم يفعلون ما يشاءون خارج إطار القانون والدستور ويطوعون القوانين لخدمة أغراضهم ومصالحهم الشخصية. لذلك ترى أن هذه التعديلات هي عملية خداع بمصطلحات دستورية على غير الحقيقة؛ لأن النظام لا يتمتع بأي شرعية لأنه تأسس عبر انقلاب على الدستور والقانون والمسار الديمقراطي.

وتشدد على أن السيسي لن يرحل بقوانين أو انتخابات وعلى الشعب أن يعي ذلك، وإن ما يحدث الآن هو تدشين التجربة السورية في مصر الحبيبة”.

الجيش في مواجهة الشعب

ويرى ثروت نافع المحلل السياسي أن وضع كوتة للمرأة غرضه رشوة الغرب في التغاضي عن التعديل المطلوب، ووضع الجيش في مكانة دستورية أعلى من الشعب الغرض منه قبول المؤسسة العسكرية لأخطار فكرة التعديل التي قد ينتج عنها حراك شعبي رافض لن يصده إلا الجيش للأسف”.

ويحذر “نافع” من عواقب مثل تلك النصوص الملغومة التي قد تجر البلاد إلى مواجهة بين الجيش والشعب، قائلا: “السيسي بذلك يزيد من الفجوة التي أحدثها بين المجتمع وبين القوات المسلحة، مما سيكون له عواقب خطيرة على مستقبل الوطن”.

وفي عودة إلى الوعي وأن كان متأخرا بعض الشيء؛ يرى الأديب عز الدين فشير الذي كان أحد المدافعين عن انقلاب 30 يونيو ، أن تمرير هذه التعديلات وبقاء السيسي في الحكم فترة ثالثة سوف ينزع عنه الشرعية، مضيفا على مدونته الخاصة أنه سينظر له باعتباره يحكم بدون شرعية دستورية، وانما استنادا للقوة، أي استنادا لسيطرته على دبابات ومدرعات وأسلحة وسجون وأجهزة مخابرات وشرطة وإعلام. في إشارة إلى صحة اتهامات التيار الإسلامي ل30 يونيو بأنها كانت انقلابا وهو ما ستؤول إليه تصورات ما يسمى بالتيار الثالث الذي استخدم كغطاء مدني للانقلاب العسكري ثم اكتشف الخديعة الكبرى التي دفعت بعضهم إلى التراجع والإقرار بالحق وإن كان بعضهم لا يزالون مكابرين رغم تكاثر الأدلة التي تؤكد لهم أنهم كانوا أداة لإجهاض ثورة يناير والمسار الديمقراطي.